من المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الجاري في ولاية ألاسكا، لبحث سبل إنهاء الحرب الروسية المستمرة منذ ثلاث سنوات في أوكرانيا، وذلك في أول جلسة مباشرة بين الزعيمين منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير كانون الثاني الماضي.
وكان ترامب قد أعلن عن اللقاء يوم الجمعة الماضي، في اليوم نفسه الذي انتهت فيه المهلة التي منحها لروسيا للموافقة على وقف إطلاق النار، أو مواجهة مزيد من العقوبات الأميركية.
وقال ترامب في منشور على منصة «تروث سوشال» بتاريخ 8 أغسطس آب: «الاجتماع المرتقب للغاية بيني، بصفتي رئيس الولايات المتحدة الأميركية، والرئيس فلاديمير بوتين، رئيس روسيا، سيعقد يوم الجمعة المقبل، 15 أغسطس آب 2025، في الولاية العظيمة ألاسكا. سيتم الإعلان عن مزيد من التفاصيل لاحقاً. شكراً لاهتمامكم بهذا الشأن!».
ويُعقد الاجتماع بين الزعيمين في ولاية ألاسكا، التي كانت أرضاً روسية قبل أن تنضم إلى الولايات المتحدة كولاية في عام 1959.
سيكون هذا اللقاء الأول بين رئيس أميركي وبوتين منذ عام 2021، حين التقى الرئيس جو بايدن نظيره الروسي في سويسرا، كما سيمثل المرة الأولى التي يزور فيها بوتين الولايات المتحدة منذ عقد كامل، وذلك رغم أنّه يواجه مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
اقرأ أيضاً: قمة ألاسكا.. ما هي أهداف "بوتين" الخاصة؟
وكانت آخر مرة تصدّرت فيها ألاسكا المشهد الدبلوماسي الأميركي في مارس آذار 2021، حين التقى فريق الرئيس جو بايدن الدبلوماسي والأمني الجديد بنظرائه الصينيين في مدينة أنكوراج. وقد انتهى ذلك الاجتماع بتوتر شديد، حيث اتهم الجانب الصيني الأميركيين بـ«التعالي والنفاق».
ترتبط ألاسكا بعلاقات عميقة مع التاريخ والثقافة الروسية، تعود إلى القرن الثامن عشر حين استعمرت الإمبراطورية الروسية الإقليم لأول مرة. ومنذ أن اشترت الولايات المتحدة الأرض عام 1867، ظلّت المجتمعات الناطقة بالروسية موجودة في الولاية، كما يمكن العثور على الكنائس الأرثوذكسية الروسية، ذات القباب البصلية المميّزة، من جزر ألوتيان النائية وصولاً إلى مدينة أنكوراج، كبرى مدن ألاسكا.
وقال المساعد الرئاسي الروسي يوري أوشاكوف عن اختيار ولاية الأسكا لعقد اللقاء المرتقب إنّ الموقع «منطقي تماماً»، مشيراً إلى أنّ البلدين جاران، ويفصل بينهما مضيق بيرينغ.
وأضاف: «يبدو منطقياً تماماً لوفدنا أن يطير ببساطة فوق مضيق بيرينغ، وأن يُعقد مثل هذا القمّة المهمة والمرتقبة بين قادة البلدين في ألاسكا».
اقرأ أيضاً: ترامب يلتقي بوتين في آلاسكا.. هل بدأ العد التنازلي لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟
ونشر المسؤول الروسي البارز والمبعوث الخاص للرئيس فلاديمير بوتين، كيريل ديمتريف، منشوراً استعرض فيه الروابط التاريخية العميقة بين روسيا وألاسكا، مدعّماً إياه بوثائق وحقائق تؤرخ لدور روسيا في استيطان الإقليم المعروف سابقاً باسم «أميركا الروسية». وتضمّن المنشور خريطة تعود إلى عام 1860 تُظهر ألاسكا تحت مسمّى «أميركا الروسية» مع الإشارة إلى مدينة تشيطكا كعاصمة للإقليم، إضافة إلى وثائق رسمية من بينها أمر وزارة الخزانة الأميركية عام 1867 بسداد 7.2 مليون دولار مقابل شراء ألاسكا، وإيصال موقع من المبعوث الروسي إدوارد دي ستوكل.
Some Russian history in Alaska 📚
1. 1860 map labelling Alaska “Russian America” (Sitka as capital).
2. 1867 U.S. Treasury warrant — $7.2M for the purchase of Alaska
3. Russian Envoy Eduard de Stoeckl’s signed receipt.
🇷🇺🤝🇺🇸 pic.twitter.com/Y0qTNquu9e
— Kirill A. Dmitriev (@kadmitriev) August 11, 2025
كما شدّد ديمتريف على أن هذه الوثائق تجسّد الإرث الثقافي والتاريخي الذي ما زال حاضراً في ألاسكا عبر المجتمعات الناطقة بالروسية والكنائس الأرثوذكسية المنتشرة في أرجاء الولاية، معتبراً أن استحضار هذا التاريخ يمكن أن يسهم في تعزيز الفهم المتبادل والحوار بين روسيا والولايات المتحدة في المرحلة الراهنة.
في سبعينيات القرن الثامن عشر، قاد المستكشفون الروس حملات إلى سواحل ألاسكا بحثاً عن الفراء الثمين، خصوصاً فرو حيوان قضاعة البحر. وأنشأ الروس مستوطنات ومراكز تجارية على طول الساحل، وأصبحت المنطقة تعرف باسم «أميركا الروسية» (Russian America).
وكانت مدينة «تشيطكا» (Sitka) عاصمة المستعمرة الروسية، وكانت مركزاً للإدارة والتجارة الروسية في شمال المحيط الهادئ. وشمل الوجود الروسي أيضاً إرسال بعثات تبشيرية أرثوذكسية، وهو ما يفسر انتشار الكنائس الأرثوذكسية حتى اليوم.
وباعت روسيا ألاسكا للولايات المتحدة مقابل 7.2 مليون دولار في صفقة عُرفت بـ«صفقة ألاسكا»، نتيجة صعوبة الدفاع عن المنطقة وتكاليف إدارتها. ورغم مرور أكثر من قرن ونصف على ذلك، لا تزال ملامح الحضور الروسي واضحة في ألاسكا من خلال المجتمعات الناطقة بالروسية، والمعالم الدينية، وأسماء بعض المواقع.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي